لستَ هَيّن الشأن، لقد كرمك الله وجعلك أسمى المخلوقات… لا تقلل من شأن ذاتك فلديك طاقات كامنة إن تمكنت من التعرف عليها واستغلالها لوجدت في نفسك ما يثير دهشتك قبل الآخرين.
إننا متفردون بلا أدنى شك، لا أحد منا يطابق الآخر… لكل منا مفتاحه الخاص للإبداع، منهم من يعثر عليه ويعيش ناجحاً ومتميزاً، ومنهم من لا يكتشفه أبداً فيبقى إبداعه كنزاً دفيناً يموت مع موت صاحبه.
يقول الكاتب والمفكر الكبير الراحل مصطفى محمود: (ليثق كل واحد أن تحت مظهره العادي.. بذرة.. في مكان ما.. بذرة عبقرية.. عليه أن يبحث عنها ويكتشفها.. وسوف يكون كل شيء ممكناً بعد ذلك).
ويقول في موضع آخر: (نحن في العادة نموت قبل أن نكتشف مواهبنا وقبل أن نتعرف على مميزاتنا… نموت بحسرة أننا أناس عاديون).
وهكذا يمضي الانسان عمره وهو يستهلك أيامه هدراً، فالبارحة كاليوم كالغد… وقت مهدور، ومؤهلات عقلية معطلة، وإبداع مدفون في نفس صاحبه.
يتمتع الانسان بملكات عقلية هائلة واستعداد فطري للإبداع، ولكن المشكلة تكمن في تجميد الانسان لعقله وحجب الحقائق التي تفتح أمامه آفاق المعارف واكتساب الخبرات وتعينه في مسار حياته.. إنه يعطل عقله ويستنزفه في لا شيء! يغرق في دوامة الحياة ومشاكلها ولا يلتفت لنفسه ليكشف النقاب عما يميزه ويصقل جوهره.
لا شك أن التحديات التي تواجه الانسان وتعرقل طموحاته وتعيق إنجازاته وتسحب حماسه كثيرة، ولا مهرب من الاعتراف بأن الظروف المحيطة بالإنسان تلعب دوراً كبيراً في تعطيل ملكاته.. ولكنها الإرادة مجدداً تظهر لنا كخيار حتمي لا بديل عنه إن أردنا تحقيق ذواتنا بالشكل الذي نتمناه ونطمح إليه.
انظر إلى نفسك، أنت بذاتك معجزة من صنع الخالق المبدع، لقد ميزك الله عن سائر المخلوقات الحية بالفكر الإبداعي، فالإنسان لا ينجز مهامه باستعداد غريزي جامد لا يتطور ولا يتغير مهما مر من الزمن، بل هو يضيف ويبتكر ويغير ويعدل حتى يرتقي بإنجازاته وأعماله إلى أرقى المستويات.. انظر ماذا فعل العقل البشري في الأرض على مر العصور! إن كل ما يقدمه لنا الطب والأدب والتكنولوجيا وسائر العلوم والفنون من خدمات وفوائد وتسهيلات ومتع هي من نتاج عقول أُطلق لها العنان لتبدع بطريقة ما! إنها عقول لم تتجمد بالاكتفاء بالمعلومات المكتسبة ولم تقف عند حد التلقي، بل اجتهدت وبحثت حتى أبدعت وأثرت في حياتنا جميعاً. ما خاب من أدرك القيمة العظيمة لنعمة العقل واستثمرها للبناء وليس الهدم، فأخلص في عمله وأتقنه وساهم إيجاباً في حياتنا.
فكر ملياً ماذا تفعل بنفسك؟ وكيف تستفيد من قدراتك العقلية؟ كيف تدير حياتك؟ كيف تستثمر وقتك؟… إياك أن تهدر طاقاتك دون استغلال هادف، فإن كنت عديم الحماس لبذل الجهود في سبيل اكتشاف مكامن قوتك وتحسين حياتك وحياة الآخرين فأنت ميت في صورة حي، تعيش لتأكل وتنام وتتذمر، فقد اخترت لنفسك أن تكون بلا إرادة.
الحياة ليست سهلة، والنجاح والتميز والإنجازات المهمة لا تتحقق دون تعب واجتهاد ومثابرة… انهض من فراش التذمر والتباؤس، وارتدي حلة المحارب لتقهر قسوة الظروف وشراسة العقبات… في كل مرة تخوض معركة ضد السلبية والتكاسل سوف تكتشف في نفسك مكامن قوة لم تكن تعهدها قط… فكك رموز إبداعك الخفي، وتعرف على كنزك الدفين… و(فجر طاقاتك الكامنة).
لانا حمزة