التعامل الحكيم مع الكرب والهموم

%d8%b5%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84

كثيرة هي مشاكل الحياة وهمومها.. منها مايكون هيناً وقابلاً للحل أو التجاهل، وآخر يكون شديد الوطأة على النفس فيشعر الانسان بحاجةٍ ملحة إلى النجاة بنفسه من حلقة الضيق التي تشد وثاقها حوله وتجعله غارق في الهم والكدر.

تتردد دائماً أمامنا نظريات التفكير الإيجابي ونسمع كثيراً عن حلول لتحقيق السعادة في الحياة ولكن كيف السبيل إلى تلك السعادة إن كانت الهموم والمشاكل العسيرة تفرض نفسها في حياتنا كضيف ثقيل غير مرغوب به، نتمنى من أعماقنا طرده من حياتنا إلى الأبد ولكنه يأبى الرحيل!!!

ويتساءل البعض: هل إن فكرنا بإيجابية وتجاهلنا الأحداث السلبية في حياتنا سيتغير الواقع؟ وهل يمكن لنا أن نفكر دائماً بإيجابية حتى وإن كان الواقع قاسياً فنخدع أنفسنا بوهم هذا التفاؤل المزيف؟

الإجابة المنطقية عن تلك التساؤلات تقول أن التفكير الإيجابي وحده لا يمكن أن يغير الواقع بالطبع، ولكنه يعطي صاحبه دفعة ليبحث دائماً عن الحلول، وعن الأمل أينما وجد، ويجعله يستنبط النواحي الإيجابية من حدوث أمر ما، والأهم من ذلك كله أنه يجعل صاحبه بحالة أفضل صحياً ومعنوياً. وعندما نتحدث عن التفكير الإيجابي نقصد الإيجابية المبنية على منطق سليم وليس إيجابية وهمية ساذجة لا تمت للواقع بصلة. ولكي يكون التفكير الإيجابي مبني على منطق سليم يقبله العقل ويتجاوب معه بأفكار فاعلة، يجب أن يكون لدى الشخص إدراكاً تاماً لحقيقة المشاكل التي تواجهه وكل أبعادها، ونظرة شمولية واسعة على كل الاحتمالات المنتظرة، ومن ثم يأتي دور التفكير الإيجابي في التعامل الحكيم مع الكرب والهموم حتى يتم التغلب عليها.

ولكي يكون الانسان قادراً على التعامل مع ظروفه بمرونة فهو يحتاج من دون أدنى شك لطاقة داخلية تعمل بمثابة محرك سحري لشحذ الهمم واستجماع القوى ليصبح فاعلاً إيجابياً مثابراً في حياته. ولكن من أين ستأتي هذه الطاقة إن كان الانسان غارقاً في التشاؤم والتحليلات السلبية؟! إن التفكير السلبي يسحب من الانسان طاقته، فيصبح مسلوب الإرادة ويقع ضحية للاكتئاب. لذلك على الانسان أن يعي خطورة طريقة تفكيره إن كانت تؤثر سلباً على معنوياته وشخصيته وطريقة تعامله مع المواقف.

يستطيع الانسان أن ينتشل نفسه من براثن التشاؤم والأفكار السلبية إن كان واعياً ومدركاً لأهمية السيطرة على أفكاره وإعادة توجيه عقله للاتجاه الصحيح.

إن التفكير ليس من ضمن الحركات اللا إرادية كالتنفس ونبض القلب وانقباض وانبساط العضلات أثناء الحركة… الخ، إنما هو بمحض إرادة الانسان ويتحكم فيه بوعيه واختياره فهو يستطيع أن يوقف سيل الهواجس المحبطة والأفكار السلبية التي تدفق في رأسه ويقاومها بصرف ذهنه عنها والتركيز في ما ينفعه ويبعث في نفسه الطمأنينة. بإمكانه أن يتعلم كيف يقلل من وقع المشاكل على نفسه، كيف يبسّط الأمور بدلاً من أن يزيدها تعقيداً.

الشخص الذكي هو الذي يحرص على صحته النفسية، ويحاول دعم نفسه بأي وسيلة ممكنة، ويبحث بكفاءة عن وسيلة للنجاة… إنه يقود عقله بمهارة ولا يستنزفه بالاسترسال مع الأفكار المحبطة. إنه يعلم كيف يواسي نفسه ويطبطب عليها ويضمد جراحه بالصبر والتفاؤل بغدٍ أفضل.

ونختم حديثنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب المؤمن من هم ولا غم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه).

لانا حمزة

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *