عزة النفس ورفعة المقام

صورة مقال عزة النفس ورفعة المقام

يعلم أن الله كرمه بالعقل ونفخ فيه من روحه…. يدرك انه مسؤول عن أفعاله فيمتنع عن فعل ما يسيء له باتخاذ مبررات لا قيمة لها… يحترم ذاته فلا يرضى أن يجعل نفسه عرضة للسخرية أو الشفقة أو الشتم… يعلم حدوده فلا يتجاوزها ولا يسمح لأحد بتجاوز حدوده معه… يحاول دائماً الاعتماد على نفسه قدر استطاعته ويتجنب تحميل أعبائه على الآخرين… لا يرضى على نفسه أن يكون ضيفاً ثقيلاً أو صديقاً استغلالياً… يتحكم بأعصابه ويضبط تصرفاته فلا يقلل من قيمة ذاته بالحركات الانفعالية المنفرة… لا يتوسل سوى لله العلي القدير… إنه يا سادة عزيز النفس صاحب المقام الرفيع بشخصيته الواثقة المتزنة التي لا يمكن لأحد أن يقلل من شأنها.

عزيز النفس لا يتسول العاطفة والاهتمام، بل يحظى بها عن استحقاق لأنه أهل لها.. يبتعد بصمت عمن لا يستحقون اهتمامه دون تجريح وحركات انتقامية طائشة فكبريائه يمنعه من الغوص في مستنقع المتلاسنين، المتشاتمين، المتصارعين في حلبة الأذية ولا يأذون إلا أنفسهم. كيف له أن يهين نفسه وهو يعلم أن فوقه وفوق العالمين رب عزيز، كريم، رحيم لا يرضى الظلم على عباده وينصرهم حتماً ولو بعد حين. إنه واثق بحكمة الله وعدله وبالتالي واثق بنفسه كمؤمن معتز بالله ولا يمكن له أن يذل نفسه أمام مخلوقاته. كيف يمكن لمثل ذلك الانسان الراقي الذي يترفع عن كل مايهينه ألا يكون أهلاً لاحترام الناس وتقديرهم؟

عزيز النفس ليس ذلولاً ولا مثيراً للشفقة، إنه غني بكرامته واحترامه لذاته ولا يرضى على نفسه المهانة.. ولنتذكر قوله تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافاً (البقرة-273)).

إنه ليس جشعاً ولا تهفو نفسه لما هو ليس من حقه. وبالمقابل، إنه ليس ضعيفاً ولا غافلاً عن مصلحته، لا يرضى أن يسلبه الناس حقوقه ولا يتنازل عنها ضعفاً وهواناً، فكما يحترم حقوق الآخرين يحترم حقه، ويرعى مصالحه، ويحرص على ما أنعم الله عليه ولا يفرط فيه.

إنه يتحلى بالكبرياء وليس الكِبَر، وحرصه على قيمته الشخصية يجعله مستحقاً للتقدير والاحترام بأفعاله وشخصيته المتزنة الغنية بالإيجابيات، فيعمل جاهداً على تطوير نفسه وتقويم أخطاءه ويسعى للتطور للأفضل دائماً، فهو يعلم أن قيمة الانسان تكبر بما يقدمه لها من خير فلا بتوانى عن استغلال وقته بما ينفعه ويرفع مقامه.

اقتناعه بنفسه منطقي وليس أعمى!!! فإن علم بنفسه نواقص وثغرات قابلة للإصلاح لا يتردد ببذل جهده للتحسن لكل ماهو أفضل وأجمل وأقرب للقبول في النفوس.

عزيز النفس طيب النفْسِ والنَفَس، نظيف القلب والبدن، لا تنفره النفوس ولا تبغضه القلوب السليمة… إنه يأبى على نفسه أن يكون شاذاً عن الذوق السليم أو بعيداً عن اللباقة، فمن تعز عليه نفسه أن تهان لا يرضى أن يهين غيره بقباحة الألفاظ وفظاظة السلوك.. إنه حسن المعشر، متزن السلوك، لا يقوى المرء على ازدراءه فهو عالي المقام بجميل طبعه وقوة شخصيته وسلامة تصرفاته.

وخير ما نختم به حديثنا هو قول الله عز وجل : ﴿من كان يريد العزة فللَّه العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾

لانا حمزة

4 thoughts on “عزة النفس ورفعة المقام

اترك رداً على احمد مطر إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *