أبرياء مرهونين بمزاجك

لكل انسان طريقة استجابة مختلفة لظروف حياته. منهم من يتمتع بمرونة وصبر يجعلانه يترجم أحداث حياته بشكل عقلاني يميل إلى الإيجابية، ويتجاهل المنغصات متعمداً حرصاً على صحته النفسية، فيحاول الإبقاء على مزاجه بحالة جيدة ويتجاوز بذكاء ما قد يعكر صفوه لو أنه ركز فيه.. ومنهم من هو على النقيض، فهو يتحد مع المشاكل ضد نفسه ويركز مع السلبيات ليزداد تعاسة.

إن كنت بطبيعتك شخص متوتر وتحمل نفسك الكثير من الهموم وترهق عقلك بالقلق نقول لك توقف لحظة وفكر ملياً، فأنت تجعل حياتك عبارة عن فصول متتالية من مسرحية مأساوية ما إن ينتهي فصل كئيب حتى يأتي آخر وذلك لأنك تتفاعل بسلبية مع أحداث حياتك وتبالغ في القلق والتشاؤم بينما أيام عمرك تمضي والحياة تسير والواقع يتغير باستمرار فتتغير معه الأولويات، وما كان يعنيك بشدة ويشغل عقلك قد يصبح فيما بعد شيئاً عديم الأهمية! ولكن أنت تبقى أنت.. تركز دائماً في التفاصيل لتزداد غضباً، وليتك تركز في التفاصيل بحثاً عن الأفضل، بل إنك تبحث عن النواقص والعيوب والعقبات لتستمد منها أسباباً إضافية للتذمر والشكوى والإحباط.. ويالها من مأساة إن كان لمسرحيتك الكئيبة مشاهدين أبرياء مضطرين لحضورها والتأثر بها، وهم عائلتك وأحبائك! احذر من أن تكون مسؤولاً عن تعاستهم، وان تزرع روح اليأس والتشاؤم في نفوسهم، أو تجعل حياتهم عرضةً لتقلبات مزاجك، فتصبح كالبحر الهائج بدوّامات انفعالاتك بدلاً من أن تكون لهم بر الأمان.

كم هو ذكي من يكن سلساً ومتفائلاً.. من يصر على أنه بخير.. من يخفف من وطأة المشاكل ويعرف كيف يواسي نفسه مقللاً من شأن الضغوط.. من يتحرى أسباب السكينة والسلام لتنعم بها نفسه.. من يثق بقوة إرادته لتخطي أي مشكلة.. من يفهم أن طريقة استجابته للمشاكل تؤثر على نفسيته ونوعية حياته أكثر من المشكلة ذاتها فيعمل على تقوية مناعته ضد الإحباط والاكتئاب بقوة إيمانه، من يبحث عن الخير في كل شيء حوله، من يكن مصدر طمأنينة لعائلته والمسؤولين منه لأنهم يستمدون قوتهم من قوته واتزانه.

ولمن يقول سأكون سلساً ومتفائلاً عندما أتخلص من الضغوط في حياتي نقول له أنت تشترط ان تعيش في جنة على الأرض لا ضغوط فيها ولا معكرات حتى يتحسن مزاجك! تأكد أنه ما من حياة في هذه الدنيا دون معكرات وتحديات وضغوط مهما بدت لك حياة أناس آخرين مثالية وسعيدة. وتذكر أنك لن تكسب شيئاً من شخصيتك المتوترة سوى عقل مرهق وجسد قد تتناوب عليه الأمراض. ولا يخفى على أحد دور الضغط النفسي والتوتر في التأثير سلباً على صحة الجسم وبالتالي على نوعية الحياة. وبإجراء مقارنة بسيطة بين إنسان حريص على صحته النفسية والجسدية وبين آخر يتفاعل بسلبية شديدة مع أحداث حياته، سنفهم تماماً كيف يمكن لإنسان أن يسهل حياته وحياة من حوله أو يعقّدها.

الحياة لا تنتظر أحد، وعمرك واحد لا تدري متى ينقضي فاحرص على أن يكون مثمراً ينفعك وينفع الآخرين. قرر من الآن ألا تهدر حياتك بالقلق والوقوف على التوافه من الأمور وانظر دائماً أمامك بدلاً من أن تركز في عثرات الطريق… ولا تنسى مسؤوليتك في تجنيب عائلتك لمسببات التعاسة. ومن هنا نقول لك احرص على مزاجك! لا داع لأن تعكره لأتفه الأسباب وتتذمر من التفاصيل الصغيرة التي بإمكانك جعلها تمر بسلام لو أنك كنت أكثر مرونة وسلاسة… قم بإعادة تصنيف الأمور وضعها في مكانها الصحيح.. لو كنت فعلاً تحب الخير لنفسك وأحبائك لوجب عليك الحرص على مزاجك وعدم السماح للمشاكل الصغيرة باستفزاز أعصابك…. استرخ، اهدأ، ارفع معنويات نفسك بنفسك.. عزز شعورك الإيجابي بعادات تجعلك تشعر أنك أفضل.

One thought on “أبرياء مرهونين بمزاجك

اترك رداً على yousri إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *