لأننا نبحث عن مفاتيح السعادة بجميع أشكالها، نحتاج أن نكشف النقاب عن أسباب التعاسة صغيرةً كانت أم كبيرة.. لنستفيق من غفلتنا، ونتحرر من الشوائب الخبيثة التي لوثت حياتنا وحجبت عنا حقائق إن أدركناها لشعرنا بالطمأنينة والسلام الداخلي الذي ننشده.
والمشكلة التي نناقشها اليوم هي شيوع التنافر وعدم تقبل الآخر وتعصب كل ذي رأي لرأيه، ومن ثم الشعور الدائم بالسخط والقهر من الآخرين لاختلافهم وتباعد قناعاتهم.
إن أول خطوة يجب أن يقوم بها المرء من أجل نفسه أولاً وحرصاً على سلامه الداخلي أن يقتنع بضرورة احترام الطرف الآخر باختلافه ولا ينصب نفسه قاضياً عليه فلا أحد يمتلك حق فرض رأيه وقناعاته على الآخرين.
لسنا بمطلعين على القلوب والضمائر، ولا يمكن لنا أن نعلم ما تكتمه النفوس. نظرتنا دائماً قاصرة مبنية على المظاهر التي قد تكون خادعة أو على التصرفات التي قد يكون وراءها أسباب لا نعلمها. ليست مهمتنا إطلاق الأحكام وتوزيع الألقاب على الناس. فليركز كل منا على ذاته ويترك الخلق لرب الخلق.
لو اتبع الانسان فطرته منزوعةً من الدسائس الفكرية التي اتسحوذت على عقله لوجدت قلبه يدله على الرحمة والتسامح والإشفاق على أهل الغفلة، والسعي للألفة وليس الاختلاف والانتقاد، والميل إلى الإنس بالجماعة ولم الشمل وليس التفرقة والانعزال. وكما قال الإمام الشافعي: (لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات، فأحياناً كسب القلوب أولى من كسب المواقف. ولا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها، فربما تحتاج إليها للعودة يوماً ما. دائماً اكره الخطأ، لكن لا تكره المخطئ. أبغض بكل قلبك المعصية، لكن سامح وارحم العاصي، انتقد القول، لكن احترم القائل.. فإن مهمتنا هي أن نقضي على المرض، لا على المرضى).
يضيع الانسان طاقته ووقته بالانشغال في تفاصيل صغيرة لا تخصه، ولا يدرك أنه لو طهر قلبه وركز على ذاته واستغل طاقته بتطوير نفسه لأتاه الخير من كل جانب.
ولو سألنا أنفسنا كيف تبنى البيوت السعيدة؟ لوجدنا أن الإجابة البديهية هي بالاندماج والإلفة بين أفراد الأسرة الواحدة. فينشأ جيل متوازن نفسياً ترعرع على قيم الخير والمحبة والإحسان.
إنها البذرة الأولى التي تزرع في نفوسنا منذ الصغر ثم تنمو رويداً رويداً حتى تتبلور وتتضح وتحدد قناعاتنا التي تشكل دافعاً أساسياً لسلوكياتنا. فماذا عسانا أن نتوقع من جيل نشأ على انتقاد الآخرين والتحيز لفئة دون أخرى؟
فلننشر ثقافة التسامح والرحمة والإنسانية والمرونة في تقبل فكر الآخر. فلنتبنى جميعاً ذلك السلوك الراقي الذي ينأى بصاحبه عن تحقير الآخر وإهانته.
ونختم مقالنا بنصيحة لكل فرد: أحب الخير لنفسك واسعى له، وركز على ذاتك، ولا تهدر طاقتك في محاولة إثبات أن الآخر على خطأ. بل تمسك أنت بالحق والصواب، ودعك من الالتفات لهفوات الآخرين.
لانا حمزة
مقالة جميلة وممتعة.
ويجب علينا معرفة مامعنى السعادة؟