كيف تبحث عن السعادة وتعثر عليها

صور مقال كيف تبحث عن السعادة

السعادة تبدأ منك، قبل تأثير الظروف الخارجية والأشخاص المحيطين بك. أنت قادر على أن تسعد نفسك أو تشقيها باختياراتك، بالطباع التي عّودت نفسك عليها.

فإذا اخترت أن تستسلم للأفكار السلبية، وتعودت على الكسل وقلة المبادرة، واستسلمت لما آلت إليه حالك من دون مقاومة منك وسعي للتغلب على الظروف، ورميت كل المسؤولية على عاتق حظك السيء، واستخلصت النتيجة بأنك تعيس الحظ، فالنتيجة بالتأكيد هي أنك تشقي نفسك. إن هذا الكلام لاينفي بالطبع وجود ظروف قاهرة تفرض نفسها في حياة أي إنسان وتسلبه سعادته وطمأنينته، إنما كيفية التعامل مع هذه الظروف ومقاومتها أو التماشي معها بما يعيد لك الاستقرار ومن ثم يقودك إلى الأفضل هي مسؤوليتك أنت.

أن تحسن الظن بربك وتغير ما بنفسك من تشاؤم وسوداوية، أن تفكر بالحلول بدلاً من أن تضيع وقتك في ندب حظك، أن تستعن بالله بقلب نقي مؤمن، أن تغير العادات والطباع التي دفعتك للأسوأ… كل هذه الأمور من شأنها أن تجعلك القوي المقاوم للظروف بدلاً من أن تجعل منك البائس الضعيف.

الله خلق كل واحد منا بذات مستقلة، واختار بمشيئته أن يترك لنا الحرية بأن نؤمن أو نكفر به، ولو شاء لأجبرنا جميعاً على الإيمان به، إنما اختار لنا الحرية والمسؤولية الناتجة عن هذه الحرية. فالله سيحاسبك بناءً على اختياراتك أنت. فانتبه لاختياراتك في الحياة ولا تسمح لأحد بأن يجرك إلى الخطأ. أنت مسؤول عن نفسك وعن قراراتك في الحياة، فاهتم بنفسك، أحبها، أصلح عيوبها قدر المستطاع.

إذا كنت من النوع المتفاني المضحي بشكلٍ مبالغٍ به وتنتظر تقدير الآخرين فاعلم أنك تُسيّر نفسك طواعيةً في طريق الإحباط والشفقة على النفس. افعل الخير لوجه الله واعلم أنه سبحانه لن يضيّع أجرك، ولا تنتظر الرد من أحد لكي لا تُخذَل. أخلص نيتك لله في أفعالك ولن يضيع لك عمل حسن إطلاقاً، فالله لا يضيع أجر المحسنين.

فكر بنفسك ولا تنتظر أن يفكر الآخرين بك، أسعد نفسك ولا تنتظر سعادتك من الآخرين. هذا الكلام لا يعني مطلقاً أن الدنيا كلها مصالح ولا يوجد من يقدر تعب الآخرين لأجله، فهذه الأفكار تشاؤمية وغير منصفة. إنما الخطأ في أن تكون اتكالياً على الناس رابطاً سعادتك بما يقدمونه لك من أمور ترضيك وتفرحك، أو أن تكون متفانياً مع غيرك، متناسياً لنفسك وفي الآخر تطلب منهم الرد بالمثل ولن تجد مطلبك غالباً.

من الناس من يعتقد أن إكرام الإنسان لنفسه وتجنبه ما لايطيق أنانية- وهذا خطأ بالتأكيد. إن كل إنسان عاقل يعلم تماماً حقوقه وواجباته ولا يفرط بأي منهم. فلا يتجاهل واجباته ولا يفغل عن حقوقه.

كم نسمع شكاوى من ناس يتحسرون على مامضى من عمرهم وهم يقدمون التضحيات ولم يجدوا الرد على أفعالهم. تناسوا أنفسهم فلم يجدوا من يتذكرها. لم يعلموا أنهم هم المسؤولون عن أنفسهم. فإذا تناسوها وتنازلوا عن حقوقها طواعيةً لن يجدوا من يردها إليهم في غالب الأحوال.

والفكرة المراد إيصالها هنا أنه لا ينبغي لك أن تشفق على نفسك أو أن تجعلها عرضةً للشفقة. فإن كنت فاعلاً للخير فافعله بثقة وأنت على يقين أن الله لن يضيع أجر إحسانك ولا تنتظر المقابل من الناس فتوقع نفسك في متاهات خيبات الأمل والصدمات.

كن مؤمناً قوياً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، كن واثقاً بعدل الله وكرمه، واثقاً بنفسك، محترماً لذاتك. فاحترامك لذاتك سوف ينعكس بالتأكيد على نظرة الناس لك. لاتنعت نفسك بصفات سيئة. ولا تسخر من ذاتك، ولا تسمح للآخرين بالتقليل من شأنك… ضع حداً للناس الذين يتمادون في حقك.

أما لمن يعاني من خيبات الأمل تجاه بعض الناس فيتملكه الشعور بالإحباط والنقمة على الناس ويتخذ قناعات متطرفة بأنه لا خير في الناس أبداً وأن الدنيا كلها أطماع وشرور، نقول له إن تعميم النتائج بسبب ظروف مررت بها ليس منطقياً بالتأكيد وأن أي انسان عاقل يعلم أن الخير موجود دائماً كالشر في هذه الدنيا. وأن هناك دائماً أناس مخلصين وأوفياء وطيبين. وأن الخير هو القاعدة والشر هو الاستثناء والشذوذ عن القاعدة. كما أنه لا ينبغي عليك النظر بالموضوع من زاوية واحدة. تذكر دائماً أن للحقيقة وجوه كثيرة وأنت تفكر من زاويتك الخاصة ولا تعلم الظروف والحيثيات التي دفعت الشخص المقابل للتصرف على النحو الذي لم يعجبك. الله أعلم بأحوال الناس وظروفهم فلا تطلق أحكام عشوائية وتريث قبل أن تفتح جبهات الخصام مع أحبائك وأصدقائك. واعلم أن الانسان كثير اللوم والمعاتبة هو شخص ممل وينم عن عدم ثقته بنفسه فلا تكن مفرطاً في الحساسية، تجاهل الكثير من الهفوات إذا كانت لا تشكل إساءة مباشرة إليك واستمتع بصحبة الأصدقاء من دون حساسيات.

افعل الأمور التي يرتاح لها ضميرك ويطمئن بها قلبك. ليس هناك داعٍ لشرح ما هو الخير وما هو الشر. ولست بحاجة لتعرف إذا كان سلوكك وأفعالك هي خير أم شر، صح أم خطأ فأنت تعلم هذا جيداً حتى لو كنت تحاول الاحتيال على فطرتك وإيجاد الذرائع والمبررات للسلوك الخاطئ. إن أول ما ستجنيه من تقويم سلوكك هو احترامك لنفسك ومن ثم بالتأكيد احترام الآخرين والأهم من ذلك كله هو رضا الله سبحانه وتعالى عنك.

لا تكن سطحياً قليل العلم والمعرفة… أن تعلم الكثير من أمور وعلوم الحياة يعني أن تكتسب ثقة بنفسك أكثر، أن يصبح حديثك جذاباً أكثر، أن تكتسب خبرات متنوعة وتملأ حياتك بالكثير من الاهتمامات. استثر فضولك بالمعرفة، متع حواسك بالتعرف إلى هذا الكون الواسع بما يحتويه من فنون وعلوم. من الجميل أن تعرف الكثير عن عدة أمور في الحياة وأن ينظر لك الناس نظرة احترام وتقدير لثقافتك الواسعة وعقلك الراجح.

الله لم يخلقك عن عبث، بل خلقك لتعمل وتتفكر وتعمر الأرض، لقد كرمك ومنحك من ملكات ومواهب وقدرات لا حصر لها. فإما أن تستغلها وتبدع وإما أن تهدر حياتك بلا جدوى وتموت وكأنك لم تحيا أبداً.

خصص وقت لنفسك، فنفسك تحتاج منك إلى رعاية. لا تشقيها بما لا تطيق. تعلم متى تقول لا للضغوط والمجاملات التي تستنزف طاقتك.

افعل شيئاً تحبه. فلكل منا ميوله واهتماماته وأنت حتماً لديك ميول تحبها وتشعرك بالسعادة مهما كانت بسيطة فأسعد نفسك.

الجأ إلى الترفيه عندما تشعر بأنك منهك فكرياً ومضغوط ولا تكابر على نفسك أكثر من اللازم.

سعادتك هي جزأ من سعادة عائلتك فكما تحرص على إسعاد نفسك احرص أيضاً على إسعاد عائلتك والمسؤولين منك فشعورهم بالرضا والامتنان لك سوف ينعكس بلا شك عليك بأجواء أيجابية مفعمة بالمحبة. بدلاً من المشاحنات والعتاب.

ونقول في الختام: دعونا نبدأ من ذواتنا بهدف تغيير حياتنا إلى الأفضل، فإصلاح الذات يمهد الطريق للنجاح وقلب التعاسة إلى سعادة.

(نشر بتاريخ 22/6/2014 في موقع أنا زهرة)

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *